مقدمة
اسم الكتاب باللغة الانكليزية هو "Shadows From The Walls of Death"، وترجمته للغة العربية هي "ظلال من جدران الموت" هو عبارة عن كتاب فلسفي، يصل عدد صفحاته إلى 86 صفحة. عندما تسمع أن هذا الكتاب يسبب الموت المباشر؛ ستجد الأمر غير منطقيٍّ بعض الشيء، ولربما سخرت حتى من العنوان، أو قد يتجه تفكيرك إلى كتب السحر والشعوذة. لكن الأمر هنا مختلف تماماً، وهذا الكتاب قصته مختلفة.
هذا الكتاب كتابٌ عادي جدًّا، لكن الغريب في الأمر هو أنه بمجرد فتحك لهذا الكتاب أو لمسه، ستكون نهايتك قريبة بلا شك. فلا يتطلّب الأمر أن تمرض أو تشعر بالحمى أو شيء من هذا القبيل، بل ستموت فقط بشكل حتمي.
كتاب "ظلال من جدران الموت" أُصدر في القرن التاسع عشر بشكل مختلف عن كل الكتب والمؤلّفات السابقة، فبعد صفحة العنوان والمقدمة، لم تكن توجد أي كلمات أخرى. فصفحات الكتاب ال 86 ليست سوى ورق حائط.
ما قصّة هذا الكتاب؟ من ألّفه؟ وكيف يقتل هذا الكتاب كل من يلمسه؟
قصة الكتاب
القصة تبدأ مع شخص يُدعى روبرت سيكيدزي، وهو كاتب أمريكي وأستاذ في علوم الكيمياء، وُلد في سنة 1823 في ولاية ميتشيغان الأمريكية، والتي تخرّج من جامعتها حاصلاً على شهادتين في الكيمياء والطب. عمل سيكيدزي كطبيب لمدة 11 عاماً، وأيضاً كان جرّاحاً خلال الحرب الأهليّة الأمريكية. وعندما بلغ سنّ الأربعين، بدأ مسيرته الطويلة كأستاذ للكيمياء في كلية الزراعة بولاية ميتشيغان.
اشتهر سيكيدزي كعالم أسهم بالعديد من الإنجازات العلمية في مجال الكيمياء. حتّى أنه سُمي ب "أبي صناعة سكّر البنجر" في ولاية ميتشيغان. ميول سيكيدزي العلمية لم يكن لها أي علاقة بالإجرام.
أفنى سيكيدزي كثيراً من حياته في بحوث تهتم بالبيئة والمواد الملوثة والسامة والتي لها خطر على صحة الإنسان، ومن بين دراساته كانت خطر تزيين جدران البيوت بورق الحائط، وهو ورق الحائط الملون الذي كان منتشراً في ذلك الوقت في الولايات المتحدة، وبالضبط في سنة 1839. وقد أكد سيكيدزي على أن ورق الحائط يضم معدلات كبيرة من سم الزرنيخ، حيث كان ورق الحائط يُطلى بسم الزرنيخ. وعندما يتم لصقه في جدران المنزل، يتسرّب السم إلى الهواء ويتم استنشاقه من قبل الناس، مما يؤدي إلى الإصابة بالتهاب في الشعب الرئوية، ثم الصداع وفقدان الوزن، وبعد ذلك الموت.
لم يستمع أي شخص إلى ما كان يقوله سيكيدزي، ولم يأخذ أحد هذا الأمر بمحمل الجد، واستمروا في استعمال ورق الحائط بلا اكتراث. استفزّ هذا الأمر سيكيدزي كثيراً، فقرّر أن يثبت للناس صحة نظريته ودراسته، بطريقة قاتلة جدًّا.
قام سيكيدزي بجمع ورق الحائط المنتشر بكثرة في ذلك الوقت، استخدم هذه الأوراق لتكوين صفحات كتابه الجديد. وبعد أن انتهى سيكيدزي من صفحات الكتاب وغلافه، قام بوضع نسبة من سم الزرنيخ، المادة المميتة وشديدة السمية، على الغلاف وكل الصفحات. كان هذا السم يُعتبر أفضل للقتل، وعليه سمِّي بسم المشاهير، حيث أنّ أشهر شخص قُتل بهذا السم هو نابليون بونابارت.
بعد أن انتهى سيكيدزي من تأليف الكتاب وتسميمه، كرر هذه العملية مئة مرة أخرى، أي أنه قام بعمل مئة نسخة من الكتاب، وكلها محتوية على سم الزرنيخ ومطلية به. قام سيكيدزي بتوزيع كل تلك النسخ على المكتبات في الولايات المتحدة الأمريكية. جنون حقيقي.
قد تتفاجئ إن أخبرتك أن روبرت سيكيدزي لم يتعرّض لأي محاكمة أو تهم لتأليفه كتاباً خطيراً ومميتاً كهذا الكتاب. صرّح سيكيدزي أنه قام بهذا المشروع من أجل رفع مستوى الوعي حول مخاطر الزرنيخ في ورق الحائط، والذي كان ممارسة شائعة في ذلك الوقت ويشكل مخاطر صحية خطيرة. كان هدف سيكيدزي هو تثقيف الجمهور والمجتمع الطبي بشأن الطبيعة السامة لهذه الأوراق. وعندما قام بتوزيع الكتب على المكتبات والمؤسسات، ترك سيكيدزي ملاحظة صحّيّة على الكتاب تحذّر منه ومن مخاطر سم الزرنيخ؛ بغرض تحذير العالم من الخطر، والابتعاد عن كلّ ما يحمل هذا السم.
موضوع أن سيكيدزي لم يتعرّض لأي محاكمة ولم يتم اتهامه بأي جريمة أثار الكثير من الجدل، حيث يرى البعض أنه يستحق أن يُعاقب لتأليف كتاب بهذه الخطورة، بغض النظر عن نيته، إن كانت نيته صادقة أصلاً. يرى البعض الآخر أن ما فعله مُبرر وأن التوعية حول مخاطر ورق الحائط وسم الزرنيخ كانت أمراً مهمًّا. بشكل عام، وعلى الرغم من الجدل الدائر حول الكتاب، فإن تصرفات كيدزي اُعتُبرت خدمة عامة وليست عملاً إجرامياً.
عاش سيكيدزي بعد تأليف كتابه هذا بنحو أربعين عاماً، وتُوفّي في عام 1902.
الكتاب اليوم
قد تم تدمير معظم النسخ التي صنعها سيكيدزي من هذا الكتاب مظراً لخطورته. فمن بين المئة نسخة التي قام سيكيدزي بإصدارها ونشرها، لا يوجد الآن سوى نسختين من هذا الكتاب في العالم أجمع. واحدة من هذه النسخ موجودة في ولاية ميتشيغان الأمريكية، وتحديداً في جامعة ميتشيغان. قد تم تغليف كل صفحة من الكتاب بعناية شديدة حتى لا يتسرّب السم منه.
كان يُمنع الاقتراب من هذا الكتاب أو لمسه حتى. لكن بعد أن اكتشف الباحثون سر هذا الكتاب، ولماذا يجعل هذا الكتاب الناس يموتون بعد قرائته، قالوا بأنه الآن من الممكن أن يقرأ الشخص هذا الكتاب، لكن فقط بعد أخذ تصريح رسمي، وبعد اتّباع خطوات السلامة لحماية القارئ من الموت، ومن هذه الخطوات مثلاً وضع قفازات وقناع على الوجه حتى لا يتسرّب السم إلى جسده.