كتاب العزيف الأكثر شرًّا في التاريخ

 

مقدمة

من بين الأمور الغامضة والمثيرة للجدل التي تتعلق بالسحر الأسود والقوى الخفية، يبرز إسمٌ مشهور ومخيف لكتابٍ يعتبر من أخطر الكتب في تاريخ البشرية، وهو كتاب العزيف أو النيكروميكون الذي يحمل في صفحاته أسراراً وألغازاً عن العالم السفلي والمخلوقات الشريرة التي تسكنه. هذا الكتاب قد عُرف باسماء مختلفة على مر الزمان، وقد حاول الكثيرون إخفاؤه أو تدميره خوفاً من تأثيره السلبي على الإنسانية ومن الأخطار التي يمكن أن يتسبب بها في حال وقع في أيدي الخطأ. ومن بين الذين أعادوا إحياء ذكرى هذا الكتاب وجعلوه موضوعاً لقصصهم الخيالية، هو الكاتب الأمريكي المشهور برواياته الرعبية هوارد فيليبس لافكرافت، الذي بدأ بالإشارة إلى النيكروميكون في روايته "The Hound" التي نشرها عام 1924.

في هذه الرواية، يروي الكاتب قصة شخصين مهووسين بجمع القطع الأثرية المرتبطة بالسحر والشعوذة، والذين يقومان بسرقة تميمة ملعونة من قبر قديم في هولندا. هذه التميمة عليها نقش لوجه كلب مخيف، وهو أحد الكائنات الشيطانية التي تم ذكرها في كتاب عبد الله الحظرد النيكروميكون، وهو نسخة أخرى من كتاب العزيف. ومن هنا تبدأ مغامرة مرعبة تكشف عن أسرار الكتاب الأسطوري وتؤدي إلى نهاية مأساوية. وبسبب هذه الرواية، اعتقد البعض أن الكتاب مجرد خيال من صنع الكاتب، ولكن هناك آخرون يزعمون أن الكتاب حقيقي وأنه موجود في مكان ما، وأنه يحتوي على معلومات خطيرة عن الحياة والموت والأبعاد الأخرى. وقد ذكر بعض المصادر أن النسخة الأصلية من الكتاب محفوظة في الفاتيكان، وأنها تعتبر من أشر الكتب التي كتبت على وجه الأرض. فهل هذا صحيح أم مجرد إدعاء؟ وهل يمكن لأحد أن يقرأ الكتاب دون أن يتعرض للجنون أو الهلاك؟





مؤلف الكتاب

من بين السحرة والكتاب اليمنيين، كان عبد الله الحظرد شخصية فريدة ومثيرة للجدل، فقد اشتهر بجنونه الذي لا حدود له ومعتقداته الخيالية التي لا تستند إلى أي دليل أو حقيقة، بل تنطلق من رؤاه وأحلامه الغريبة. كان يدعي أنه يرى بعينيه الكائنات القديمة التي عاشت على الأرض قبل ظهور الإنسان، والتي كانت تتمتع بقوة هائلة وقدرات خارقة للطبيعة، وأنه يتلقى منها المساعدة والعون في كشف أسرار تاريخ البشرية الذي لم يعرفه أحد من قبل.

وكان يزعم أيضاً أنه يمتلك معرفة عميقة عن خبايا وأسرار الشعوب السابقة التي غابت عن الأنظار والأقوام التي انقرضت من على وجه الأرض بسبب كوارث غامضة، مثل قوم عاد الذين عصوا الله وأهلكهم الصيحة، ومدينة إرم ذات العماد التي كانت من أعظم المدن التي بنيت في البلاد، والتي ما زالت مخفية في أعماق الأرض ولم يستطع أحد الوصول إليها.

كان عبد الله الحظرد مهتماً بتاريخ الحضارات القديمة وما حل بها من مصائب وفواجع غامضة حتى اختفت تماماً ولم يبق منها أثر، ولذلك كان يلجأ إلى السحر الأسود الذي يمكنه من إستدعاء ملوك العالم السفلي وإستحضار أرواح الموتى، فقد كان يعتقد أن كوكبنا الذي نعيش عليه اليوم كان في الماضي ملكاً لكائنات عظيمة ذات قدرات طاغية مدمرة، وأنهم سيعودون يوماً ما لإسترداد ما كان ملكهم.

وكان يدّعي أنه يتقن لغاتهم المتنوعة ولذلك يستطيع التواصل معهم، وأمضى عبد الله الحظرد سنوات عديدة وحيداً يتجول في مناطق مختلفة من صحراء الربع الخالي، والتي تُعرف بكونها من الأماكن القاحلة والمنزوعة من مظاهر الحياة، وهناك نجح في تأليف كتاب العزيف أو النيكرونوميكون كما سُمي في اللغة الإغريقية واللاتينية، والذي حمل بعدها أسماء عديدة منها كتاب الموتى وكتاب قانون الموتى.




المقصود بالعزيف

العزيف هو مصطلح يطلق على الأصوات الغامضة والمخيفة التي تصدر من الحشرات والكائنات الليلية في الظلام، والتي كان العرب القدامى يعتقدون أنها تنبع من الجن والشياطين وسكان العالم السفلي. ومن هنا جاء الإلهام للكاتب والساحر عبد الله الحظرد ليختار هذا الاسم لكتابه الشهير، الذي كتبه بعد أن عاش وحيداً في صحراء الربع الخالي لفترة طويلة، متجولاً ومبحراً في أسرارها وألغازها. وكان هدفه الرئيسي هو البحث عن مدينة إرم الأسطورية، التي ذكرها القرآن الكريم كمدينة النبي عاد عليه السلام، والتي اندثرت واختفت في الصحراء. وقد سمع الحظرد عن هذه المدينة من خلال قصص وروايات تناقلتها الحضارات القديمة، والتي أشارت إلى أنها كانت تقع في مكان ما في صحراء الربع الخالي.

وكان الحظرد شخصاً فضولياً ومغامراً، وله شغف بمعرفة تاريخ الشعوب والحضارات السابقة، وخاصة تلك التي انقرضت أو غابت عن الأنظار. ولهذا السبب، قام بزيارة العديد من البلاد والمناطق في العالم، وتعلم العديد من اللغات والثقافات والعلوم، واستفاد من خبراته ومعارفه في كتاباته وأعماله السحرية. ولكنه أيضاً كان شخصاً متعجرفاً ومتبجحاً، وادعى أنه رأى مدينة إرم بأم عينيه، وأنه تواصل مع ملوك العالم السفلي من الكائنات السابقة، وأنهم ساعدوه على الوصول إلى هذه المدينة واستكشاف أسرارها.




محتوى كتاب العزيف

كان عبد الله الحظرد مهووساً بالتاريخ القديم والحضارات السابقة، وله شغف خاص بمعرفة أسرار الموت والحياة. لذلك، كان يمارس فنون السحر الأسود ويحاول إستحضار الأرواح الراحلة وإستجوابها عن ماضيها ومستقبلها. كما كان يستعين بملوك العالم السفلي والجان في أبحاثه الغامضة، ويسجل في كتابه الشهير أسماء هؤلاء الملوك وقدارتهم وصفاتهم بأسلوب دقيق ومفصّل. ولكن الكتاب لم يكن مجرد مرجع تاريخي أو علمي، بل كان أيضاً دليلاً لكيفية إستحضار هذه الكيانات الخفية والتحكم بها واستغلالها لأغراض شريرة. وهذا ما جعل الكتاب محط أنظار الكثيرين من المتطفلين والمغامرين والمجرمين، الذين استخدموا الكتاب للقيام بأعمال مشينة ومخالفة للشريعة والعقل، والتي أدت في بعض الأحيان إلى كوارث وفوضى ودمار. ولهذا السبب، قررت السلطات في هذا العصر، وبالتحديد في العصر الأموي عام 700 م، أن تحرق الكتاب وتحرم وتجرم تداوله وقراءته ونسخه.

ومن بين ما يحتويه الكتاب من معلومات وأسرار، هناك عدد من الطلاسم والرموز السحرية، التي تستخدم في طقوس السحر الأسود وإستحضار الكيانات العظيمة القديمة، التي كان الحظرد يتحدث عنها بإعجاب وخشوع. فقد كان الحظرد يرى أن البشر ليسوا الجنس الوحيد الموجود بالكون، بل هناك كائنات أخرى أقوى وأعظم منهم، تعيش في عوالم أخرى، وتحت شموس أخرى. وكان يعتقد أن كل نجمة في السماء هي شمس تضيء على كواكب تسكنها هذه الكائنات الجبارة، والتي تمتلك قوى لا توصف، وتستطيع أن تقضي على الجنس البشري بسهولة، إذا أرادت ذلك. وكان ينظر إلى الجنس البشري على أنه ذرة ضعيفة في محيط عميق مليء بالأجناش الأقوى والأعلى.

وكان الكتاب يضم أيضاً مجموعة من الرسومات والصور، التي تصور بعض الكائنات التي وصفها الحظرد بأسلوب مبهم ومرعب. وعلى هذه الصور، كانت موجودة عدة رموز وعلامات خاصة بالسحر الأسود، والتي تستخدم للتواصل مع هذه الكائنات وإستدعائها والسيطرة عليها. وهذه الصور والرموز، كانت تنتشر بكثرة على المواقع الإلكترونية، التي تهتم بالثقافة والتاريخ والغموض، والتي تجذب الكثير من المتابعين والمهتمين بمعرفة المزيد عن الكتاب ومؤلفه ومحتواه.





خطر الكتاب العزيف

الكتاب الذي يُعرف باسم كتاب العزيف كان كتاباً غامضاً ومثيراً للجدل، يُزعم أنه يحتوي على أسرار وطقوس سحرية قديمة وخطيرة. ورغم أن البعض يعتقد أن الكتاب مجرد خيال أو خدعة، فإنه في الواقع تمت ترجمته إلى اللغتين اللاتينية واليونانية في القرون الوسطى، وكان له تأثير مدمر على من حاول قراءته أو استخدامه. فقد أدى تداول الكتاب إلى حدوث كوارث ومصائب عديدة، وأصاب حامليه بالجنون والموت. ولهذا السبب، حظرت السلطات الكتاب، وأمرت بحرق جميع النسخ الموجودة، لمنع انتشار الشر والفوضى التي يحملها الكتاب، والتي تتجاوز قدرة البشر على مواجهتها.

ومع ذلك، لم يتم القضاء على الكتاب بالكامل، فقد أبقت مكتبة الفاتيكان على نسخة واحدة منه، واعتبرتها من أخطر الكتب في التاريخ، ووضعتها تحت حراسة مشددة. ولكن حتى هذا الإجراء لم يمنع الساحر الأمريكي الشهير آليستر كراولي من الحصول على بعض الصفحات من الكتاب بطريقة غامضة، واستخدامها في تجاربه السحرية. فقد ادعى كراولي أنه رآى مخلوقًا يسمى ايواس، وهو ملاك يخدم حورس، وأنه ألهمه كتابًا جديدًا يسمى كتاب القانون، والذي يدعو إلى تحرير الإنسان من القيود الأخلاقية والدينية، والسماح له بمتابعة رغباته دون حساب. وقد استوحى كراولي هذه الفكرة من كتاب العزيف، الذي يحتوي على طريقة الحظرد، وهي طريقة سحرية لاستدعاء الموتى والتواصل معهم.

وبسبب هذه التجارب السوداوية، تم طرد كراولي من عدة دول، وتم اتهامه بقتل الأطفال وتقديمهم كتضحيات للشيطان. وكان يؤمن بأنه يعمل من أجل إعادة حورس إلى الحياة، وإنشاء عصر جديد من السحر والحرية. ولكن في الحقيقة، كان يتبع مذهبًا شيطانيًا، وطقوساً افتعلها بعض المهتمين بالحضارات الوثنية والصائبة.



مصير الحظرد

في الكثير من كتب العرب القدماء، وبالتحديد المؤرخ العربي شمس الدين بن الخلكان والذي هو مؤلف كتاب وفيات الأعيان وأنباء الزمن. هذا المؤرخ ذكر في كتابه أن نهاية الحظرد كانت بالفعل شيئاً مرعباً. ففي أحد الأيام، كان الحظرد يجوب شوارع دمشق بلا هدف. وفقاً لشهود العيان، كان يتلفظ بألفاظ غريبة ومرعبة، وكأنه مصاب بالجنون. وفجأة، خرج من مكان ما كائن ضخم الجثة ومخيف الوجه، وابتلع الحظرد بأكمله أمام أعين المارة، وهكذا انتهت حياة الحظرد المجنونة، والتي كانت في سنة 738 هجرية. ولم يكن هو وحده الذي عانى من مصير مروع، بل كل من حصل على نسخة من كتابه أو حتى بعض صفحاته، توفي بطريقة مأساوية ومخيفة، ولم ينج منهم أحد.

ولهذا السبب، بعد أن تمت ترجمة الكتاب إلى اللغتين اللاتينية واليونانية، قرر العلماء أن يحرقوا جميع النسخ المتبقية منه، ويتخلصوا منها نهائياً، خوفاً من أن ينتشر الشر والفساد بسببها. وظل الكتاب مفقوداً لفترة طويلة، حتى ظهرت بعض الصفحات منه مرة أخرى، وهي التي أضاف إليها الساحر الشرير آليستر كراولي بعض كلماته الجنونية. وبهذا انتهت قصة كتاب العزيف ومؤلفه الحظرد، حتى أن الكاتب الأمريكي هوارد فيليبس لافكرافت، استخدمه كمصدر إلهام لروايته The Hound، وادعى أن كتاب العزيف والحظرد مجرد منتجات لخياله الواسع، وأنه اقتبس اسم الحظرد من أحد أقربائه الذي كان يدعى Hazard.


أود أن أنبه إلى أن السحر الأسود هو شرك عظيم بالله وهو ذنب كبير، ولهذا حرم الله تعالى الاستعانة بالسحر الأسود لما فيه من ضرر على النفس والمجتمع، وأقدم هذه المعلومات لزيادة المعرفة والثقافة فقط وليس للتشجيع على الانغماس والتعمق في هذه الأمور، وأسأل الله أن يحفظنا وإياكم من شر السحر وما ينجم عنه ويترتب عليه من أذى.




إرسال تعليق

أحدث أقدم