من حرّك قطعة الجبن الخاصة بي؟

 

مقدمة

سأحكي لكم قصة ولنتخيلها مع بعضنا البعض. يوجد شخص اسمه محمد وعمره 24 سنة. محمد هذا لا يقوم بفعل أي شيء في حياته، سوى أنه يستيقظ من النوم، يتناول وجبة الإفطار، يلعب بعض ألعاب الفيديو، يخرج ليلتقي بأصدقائه ويقضي معهم اليوم بطوله، ثم يعود للمنزل وينام. وكل يوم حين يستيقظ، يجد محمد 60 دولاراً في خزانته. طبعاً أبوه هو الذي يضع له ذلك المبلغ تحت الوسادة.

لنتخيل أن هذا الأمر أو هذا الروتين استمر لسبع سنوات كاملة، بنفس الطريقة وبنفس الوتيرة. يستيقظ محمد كل يوم ويجد 60 دولاراً في الخزانة. الأمر بالنسبة له أصبح من المسلّمات ومن الضروريات، أي أنه يجب أن يجد المال هناك كلما استيقظ في الصباح، ولا يمكنه أن يتخيل يومه أو حياته دون أن يجد تلك ال 60 دولاراً في الخزانة.

الآن لنتخيل هذا السيناريو، لو جاء يوم واستيقظ محمد ولم يجد ال 60 دولاراً داخل الخزانة. ما الذي سيحصل؟ أغلب الظن أنه سيغضب، وسيصرخ، وسيُجن. لأن حياته اعتمدت على ذلك المبلغ، أو لنقل أن يومه وروتينه اليومي اعتمد على ذلك المبلغ الذي يجده بارداً بدون أي تعب. وسيحدث له نفس ما يحدث لمدمن النيكوتين عندما لا يحصل على سيجارته.

هل تعلمون ما حصل لمحمد؟ بكل بساطة هو لم يكن مستعدًّا للتغيير. لم يضع في مخيلته أنه سيأتي يوم يستيقظ فيه ولا يجد أي مال داخل الخزانة، وأيضاً لم يخطط لما سيفعله إذا استيقظ ولم يجد ال 60 دولار. وضع محمد شيئاً يقينيًّا مُسلّماً به، وبنى عليه حياته.

التغيير أمر لا مفر منه، ولكن كيفية تعاملنا معه يمكن أن يحدث فرقا كبيرا في حياتنا. هذه هي الرسالة الرئيسية للكتاب الأكثر مبيعا "من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟" بقلم سبنسر جونسون. الكتاب عبارة عن قصة بسيطة تكشف حقائق عميقة حول كيفية التعامل مع التغيير في عملنا وحياتنا الشخصية.



مؤلف الكتاب

سبنسر جونسون هو متحدث تحفيزي ومؤلف للعديد من كتب المساعدة الذاتية. وُلد سبنسر عام 1940 في داكوتا الجنوبية بالولايات المتحدة الأمريكية. تخرج من جامعة جنوب كاليفورنيا بدرجة البكالوريوس في علم النفس، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الطب من الكلية الملكية للجراحين في أيرلندا. عمل كطبيب ومدير طبي قبل أن يصبح كاتبًا متفرغًا. اشتهر بالمشاركة في تأليف كتاب "مدير الدقيقة الواحدة" مع كينيث بلانشارد، ولكن أكثر كتبه شهرة على الإطلاق هو كتاب "من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟" الذي صدر في سنة 1998. الذي بيعت منه أكثر من 30 مليون نسخة حول العالم وترجم إلى 37 لغة. دخل هذا الكتاب في قائمة New York Times لأكثر الكتب مبيعاً. توفي عام 2017 عن عمر يناهز 78 عامًا.



 محتوى الكتاب

الكتاب عبارة عن قصة قصيرة مشابهة تماماً لقصة محمد، لكن مع شخصيات مختلفة، مكان مختلف، وأحداث مختلفة. تستغرق قراءتها أقل من ساعة، لكن أفكارها يمكن أن تدوم مدى الحياة. يضم أربع شخصيات تعيش في متاهة وتبحث عن الجبن الذي يمثل ما يريدون الحصول عليه في الحياة، مثل وظيفة جيدة أو علاقة حب أو مال أو صحة أو سعادة. اثنان منهم فأران يُدعيان سنيف وسكوري، وهما بسيطان وغريزيان. والاثنان الآخران هما رجلان قزمان، وهما كائنان شبيهان بالبشر يُدعى هيم وهاو، وهما معقدان وعاطفيان.

 تبدأ القصة عندما تعثر الشخصيات الأربعة على مرر به كمية كبيرة من الجبن في محطة الجبن C. طار الأربعة من الفرحة، وكانوا سعداء وراضين باكتشافهم، ويستقرون على روتين تناول الجبن كل يوم. كان الفئران دائماً يأتيان مبكراً قبل القزمين، أما القزمان فيأتيان على مهلهما؛ لأنهما متأكدان أن الجبن موجود في الممر. كان القزمان يكتبان بعض العبارات في محطة الجبن، منها مثلاً "امتلاك الجبن يجعلك سعيداً". أما الفئران، فكانا يقومان بتسجيل كم بقي من الجبن في الممر، لأنهما كانا بعرفان أنه سيأتي يوم ينتهي فيه مخزون الجبن. لذلك، كاما يقومان بتجهيز الخطة ب. 

في يوم من الأيام، استيقظ الفئران مبكراً وذهبا إلى المحطة C، ليكتشفا أن الجبن قد اختفى. بالطبع لم يتفاجؤا بذلك، بل تقبلا الوضع فهما كانا يعرفيان أن هذا الأمر آتٍ لا محالة. بشكل طبيعي، تكيف الفئران بسرعة مع التغيير وخرجا للبحث عن جبن جديد في مكان آخر. ومن الناحية الأخرى، جاء القزمان إلى المحطة متأخرين كالعادة، وشعرا بالصدمة والغضب والإحباط عندما اكتشفا أن الجبن قد نفد. أُصيب دماغ القزمين بالشلل، وبدأوا في طرح الأسئلة، كيف؟ متى؟ أين؟ ولماذا؟ الجبن من المفترض أن يكون هنا ولكنه غير موجود. هنا صرخ القزم هيم بغضب، وقال: "من الذي حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟" يبقيان ثابتين في محطة الجبن C، على أمل أن يعود الجبن.

 في ذلك الوقت، كان الفئران سنيف وسكوري يبحثان في المتاهة عن مكان آخر فيه جبن جديد. وبالفعل عثروا على محطة جبن جديدة، وهي محطة الجبن N، حيث يستمتعان بوفرة من الجبن الطازج. وأما القزمان هيم وهاو بقيا في مكانهما جائعين وبائسين وحزينين على فقدان الجبن الخاص بهما، ولم يستوعبا ما حصل لأيام عديدة. كانا يلومان بعضهم البعض والوضع لمشكلتهم. يدرك هاو في النهاية أنه يحتاج إلى المضي قدمًا والعثور على جبن جديد، واقترح على صديقه هيم الذهاب والبحث عن جبن جديد. لكن هيم رفض الفكرة تماماً، كان خائفاً جدًا من المجهول وعنيداً لدرجة أنه لا يستطيع مغادرة منطقة الراحة الخاصة به. يقرر هاو أن يترك هيم وراءه ويغامر بالدخول إلى المتاهة للبحث عن الجبن، متغلبًا على مخاوفه وشكوكه. وعلى طول الطريق، يتعلم دروسًا قيمة حول التغيير ويكتبها على جدران المتاهة ليراها صديقه هيم والآخرون. وهنا تبدأ أحداث القصة التي يرويها هذا الكتاب المدهش، وهي قصة مليئة بالحكم وفيها عبرة كبيرة.

 يجد هاو أخيرًا محطة الجبن N، حيث يلتقي مجددًا مع سنيف وسكوري. هاو سعيد وممتن للجبن الجديد، لكنه يحتفظ أيضًا بحذاء الجري معه، في حالة تحرك الجبن مرة أخرى. ويأمل أن ينضم إليه هيم في النهاية، لكنه لا ينتظره. إنه يستمتع باللحظة الحالية والفرص الجديدة التي يجلبها التغيير.




 اقرأ الكتاب

الحكمة أكبر من الكتاب، وهي أنه يجب عليك أن تتوقع التغيير في حياتك، تغيير أشياء كثيرة. طبعاً تغيرها سيكون خارج إرادتك. من هذه التغيرات مثلاً وفاة شخص عزيز عليك، إفلاس شركتك، تغير شخص مقرب منك، تستيقظ في الصباح لتجد نفسك مطروداً من الوظيفة، والكثير والكثير من هذه التغيرات. 

"من حرك قطعة الجبن الخاصة بي؟" هو كتاب يمكن أن يساعد أي شخص يواجه التغيير في حياته، سواء كان شخصيًا أو مهنيًا. يعطيك هذا الكتاب طريقة للتفكير لتتمكن من مجاراة ذلك الحدث أو ذلك التغير، وعدم جلوسك في مكانك تبكي وتنوح على ما حصل. إنه يوضح لنا أن التغيير ليس شيئًا يجب الخوف منه، ولكنه شيء يجب الترحيب به والاستمتاع به. ويذكرنا أيضًا بأن لدينا القدرة على اختيار كيفية تفاعلنا مع التغيير، وأن موقفنا يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا في سعادتنا ونجاحنا.

إذا كنت مهتمًا بقراءة هذا الكتاب، يمكنك العثور عليه على الإنترنت أو في أقرب مكتبة. إنها قراءة قصيرة وسهلة، ولكن يمكن أن يكون لها تأثير دائم على حياتك.



إرسال تعليق

أحدث أقدم